الصنف
الناشر
اريخ النشر
يندرج البحث في المعنى الأدبي ضمن نظرية عامة للإبداع، تستحضر أبعاده التواصلية والجمالية والثقافية والتعبيرية؛ كما أن البحث في المعنى تنظيرا، وعن المعنى تطبيقا، قديم قدم البحث في ماهية الإبداع الفني عموما، والأدبي على الخصوص، وقد كان للعرب نصيب وافر في هذا البحث ضمن علوم مختلفة، شرعية ولغوية وأدبية وفلسفية. على رأسها علم الدلالة.
وتوقف البحث، في سياق بيان الإسهام العربي في موضوع المعنى الأدبي تشكيلا وتأويلا، عند نماذج عربية فذة، كان لها حضورها البارز والمتميز في الحديث عن المعنى المتأتي من الفعل الإبداعي، حيث كشفنا عن رؤية حازم القرطاجني لتشكل المعنى، منذ أن يكون جنينا موجودا بالقوة في العالم الخارجي، إلى أن يصبح كائنا حيا في قول مفيد أو نص مكتوب له دلالة. وقد وضع حازم "المعنى" ضمن سيرورة تواصلية وصيرورة دلالية تنطلق من الوجود محل الموجودات، إلى الإنسان متكلما ثم مستمعا، عبر وسيلة التخاطب التي تتأرجح بين النطق والخط. ولهذا استثمر البحث منظور حازم في تفعيل سيروة المعنى وصيروته في تشكيل المعنى الأدبي وإنتاجه وتلقيه عبر استحضار مكونات العملية التواصلية الطبيعية وهي المتكلم والمستمع والكلام.
وقد تبين أن هذا الاستثمار نقل اللغة من الطبيعة الآلية والميكانيكية في وصف العالم الخارجي فقط إلى لغة حية تنتج الدلالة، وتبني المعنى، وتؤثر في الواقع، وتوجه السلوك الإنساني، خاصة في بعدها الفني الإبداعي، وهو الميدان الفسيح الذي صال فيه وجال علماء البيان ورجال البلاغة العربية، وحاولت نظريات وضع تصورات موسعة تجيب عن مكمن المعنى عامة كما يعبِّر عنه نظام اللغة، والمعنى الفني خاصة كما يعبَّر عنه أثناء الاستعمال الإبداعي.