مقدمة:
إن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أصبح رهانا حضاريا ومطلبا ثقافيا، في عصر تنامى فيه الوعي بمركزية اللغة العربية في تحقيق التواصل بين الشعوب، وفي التعبير عن التطورات المتراكمة التي يشهدها العصر؛ لكن هذا الرهان يستصحب معه مجموعة من التحديات التي تعترض المهتمين بتدريس اللغة العربية، ويطرح عدة أسئلة وإشكالات ينبغي الإجابة عنها قبل وضع المناهج والمقررات، منها ما يتعلق بأبعاد هذا التدريس، وغاياته وأهدافه، ومنها ما يرتبط بطبيعة المتعلمين وحاجاتهم، وأخرى بالوسائل والتقنيات والاستراتيجيات.
وقد قطع المعنيون بهذا المجال أشواطا كبيرة في تطوير الفعل التعليمي والتعلمي، ووضعوا نظريات ونماذج تكفلت بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة وتجاوز التحديات وتذليل الصعاب أمام القائمين بالشأن التعليمي، خاصة تلك المتعلقة بوضع المقررات والمناهج، وبالممارسات الصفية والاستراتيجيات التواصلية مع المتعلمين، وإن انصبت في مجملها على تعليم المهارات وتدريس المفردات والتراكيب والقواعد.
وثمة سؤال مركزي يطرح نفسه، تمثل الإجابة عنه تحدٍّ من التحديات الكبرى، وهو سؤال: تدريس الأدب العربي للناطقين بغير العربية. في زمن هيمنت فيه الرقميات وأصبحت الهواتف المحمولة مصادر للتواصل والمعرفة وجمع المعلومات، ومن هذا السؤال تتناسل أسئلة أخرى مرتبطة به نجملها في ما يأتي:
- ما المفهوم الذي ينبغي أن نتبناه للأدب وينسجم مع خصوصية تدريس العربية للناطقين بغيرها.
- عن أي أدب نتحدث: هل الأدب القديم أم الأدب الحديث؟
- أي الأجناس الأدبية أنسب للتعليم والتعلم؟
- هل تدريس الأدب يتم لذاته أم لتعلم اللغة، أم هما معا؟
- ما الإضافات المعرفية والمهارية والثقافية التي يمكن أن نستفيدها من الأدب؟
- أي كفاية نريد من تدريس الأدب؟
- ما طبيعة اللغة التي تسهم في تشكيل النصوص الأدبية، وما التحديات التي تفرضها على المناهج والمقررات، وعلى المدرسين والمتعلمين؟
- ما معايير اختيار النص المناسب للتدريس؟ وما هي النصوص التي ينبغي اعتمادها: هل نعتمد أجزاءَ نصوص، أم نصوصا كاملة؟