تقديم:

        إن التعبير مهارة وفن في الخطاب، يتطلب ذاكرة وذكاء، وفراسة وحسن اختيار للعبارة المناسبة في المقام المناسب، خاصة مع تعدد مقامات التواصل واختلاف مواقف المتكلمين والمخاطبين، وتزداد أهمية هذه المهارة في سياقات اتصالية متسارعة تتطلب بديهة في الحديث وملكة في الكتابة، من خلال القدرة على توظيف إمكانات اللغة العربية. لذلك كان التعبير باللغة ترجمانا لذات المتكلم وكشفا عن شخصيته ومدى قدرته على التواصل والتفاعل مع الغير، وثقته بنفسه وبأفكاره.

   إن التعبير -بالحديث أو الكتابة - يعد أبرز مخرجات العملية التعليمية التعلمية، لأنه يمثل غاية في حد ذاته، وهدفا لكل النشاطات المنجزة في سياق تعليم اللغة، ومصبا تتجه إليه روافدها؛ لذلك تقصد دراسة اللغة إلى إقدار المتعلمين على إرسال الكلام صحيح الفكرة سائغ العبارة، متمكنا من إفهام السامع وفهم ما يتلقاه؛ ولا يتوقف الأمر هنا على فهم القواعد اللغوية وتطبيقها بل يمثلُ مجموع الثقافة اللغوية والاجتماعية والأدبية أبرز داعم لتقوية مكون التعبير <<فالقواعد النحوية تعلَّم على أنها وسيلة لتقويم القلم واللسان من الاعوجاج والزلل، والقواعد الإملائية وسيلة هي الأخرى لتقويم الكتابة وسلامتها من الخطأ، وقراءة المواد المختلفة، والنصوص الأدبية معين لا ينضب، يمد التعبير بالثروة اللفظية، والأساليب الجميلة، والمعاني والفكر، والاتجاهات والقيم>>[1]؛ كل هذه المجالات ينبغي أن تراعي مهارات التعبير في مسار تكاملي. فحصة القراءة مهاد وميدان فسيح للتعبير من خلال القراءات الجهرية والإجابات عن الأسئلة، ومراعاة علامات التنقيط، واكتساب أساليب متنوعة لنقل المعاني والأفكار، وكذلك حصة القواعد من خلال قراءة الأمثلة والتحويل، وقبلهما وأثناءهما حصص الاستماع التي هي تدريب للأذن وتعود على كيفيات النطق وتنمية حس الملاحظة وتشغيل الذاكرة.

    سنتبنى في بحثنا هذا تعريف التعبير بكونه هو الإفصاح بطريقة ما عما يجول في خاطر الإنسان من أفكار ومشاعر قصد بلوغ أغراضه. فيما سنتبنى تعريف هدى علي جواد الشمري لتدريس التعبير وهو أنه ذلك <<العمل .. المنهجي الذي يسير وفق خطة تكاملية للوصول بالطالب إلى مستوى يمكنه من ترجمة أفكاره ومشاعره وأحاسيسه ومشاهداته وخبراته الحياتية شفاها وكتابة بلغة سليمة وفق نسق فكري معين>>[2]

[1] - حماد، خليل عبد الفتاح، ونصار، خليل محمود، فن التعبير الوظيفي، مطبعة ومكتبة منصور، غزة، الطبعة الأولى، 1423هـ-2002م، ص 20.

[2] - هدى علي جواد الشمري، سعدون محمود الساموك، مناهج اللغة العربية وطرق تدريسها ، ط 1 ، 2005 دار وائل للنشر والتوزيع ص.234.