تعقيب على ورقة الأستاذين عبد الرحيم وهابي وعبد القادر بقشى: اشتغال المصطلح في نسق المشروع البلاغي عند عبد القاهر الجرجان

بتعقيب على ورقة الأستاذين عبد الرحيم وهابي وعبد القادر بقشى

الموسومة بعنوان:

اشتغال المصطلح في نسق المشروع البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني

د. الحبيب مغراوي

أستاذ النقد والبلاغة والمصطلحية

كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال


تسعى هذه الورقة العلمية للأستاذين الباحثين عبد الرحيم وهابي وعبد القادر بقشى لتكون لبنة من لبنات بناء بلاغة عامة تعنى بتحليل كل أشكال الخطاب الاحتمالي المُؤَثر، من خلال مدخل علمي ومنهجي رصين، هو المدخل المصطلحي. حيث تعتبر دراسة المصطلح مقدمة لفهم العلم الذي ينتمي إليه، بل أساسا لضبط نسق المفاهيم التي تشكل صرحه. كما أنها <<عودة إلى الواقع العلمي الصحيح، وكشف لغطاء الغفلة المعرفية التي شملت كثيرا من الدراسات والبحوث سنين عددا>> .

وقد عمل الباحثان على تجسيد هذا المطلب العلمي من خلال تحديد متن للدراسة لعَلم من أعلام البلاغة العربية، وهو عبد القاهر الجرجاني، الذي يشكل كتاباه "أسرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز" أهم أركان مشروعه البلاغي. وقد وسمت الورقة بعنوان: <<اشتغال المصطلح في نسق المشروع البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني>>.

إن عناية الباحثين باشتغال المصطلح يكشف عن إدراك عميق لحقائق ينبغي تأسيس الدرس المصطلحي عليها، ولعل أهمها:

- أن لكل مصطلح بطاقة هوية يشتغل بها داخل مجاله العلمي، ومجموع هويات المصطلحات هو الذي يشكل الهوية المفهومية العامة للمتن المدوس.

- أن اشتغال المصطلح يترجم الفعالية التي يتسم بها، وإلا لما كانت له قوة اصطلاحية تتناثر ملامحها بين ثنايا المتن المدروس.

- أن المصطلح يؤدي وظيفة في المتن المدروس، قد تتسع وقد تضيق مقارنة مع وظائف المصطلحات الأخرى. ومجموع هذه الوظائف هو الذي يبعث الحياة في النص العلمي، ويبث فيه عناصر الصمود والقوة ليستجيب لإشكالات علمية تتخطى عصره.

- أن المصطلح بمفهومه يبني مع مفاهيم المصطلحات الأخرى، داخل المتن نفسه، نسقا مفهوميا متماسكا يستحيل الإمساك به دون ضبطها جميعا وبيان ما بينها من علاقات.

- أن التعريف الدقيق للمصطلح يعتبر حجر الزاوية في ضبط وتسييج مفهومه ، وإلا سيبقى عرضة للتشويه والانحراف، ما يؤدي إلى الخلل في فهم النسق بأكمله، ومن ثم التيه المعرفي.

وإسهاما في هذا الجهد المشكور سأقدم بعض الملاحظات المنهجية الشخصية التي أرى أهمية مراعاتها سعيا نحو درس مصطلحي رصين يستجيب لضوابط الدراسة المصطلحية وما تقتضيه من علمية وموضوعية:

الأولى تتعلق ببناء مشروع هذه الورقة على مقدمة خفية اعتبرت كالمسلمة، وهي اعتبار كتاب أسرار البلاغة أسبق في التأليف من كتاب دلائل الإعجاز، وهو ما لم تجزم به دراسة متخصصة حسب علمي، بل إن أسبقية الدلائل ذهب إليها العديد من الدارسين كإحسان عباس وشوقي ضيف وأمين الخولي وأحمد بدوي وحمادي صمود وغيرهم. وعلى هذا الأساس فإن الدرس المصطلحي يجعل الضبط التاريخي أساسا للضبط المفهومي، تنظيرا وإجراءا. وإن سبق في علم الأستاذين أن الأسرار أسبق بحجج علمية فينبغي التنبيه على ذلك وإلا فمن يعتبر الدلائل أسبق سيلغي كل النتائج والحقائق التي وردت في الورقة، من مثل: << الأمر الذي يؤكد دمج عبد القاهر الجرجاني المادة البلاغية للأسرار في كتابه الدلائل مع شيء من التعديل والتهذيب بجعلها مُدعمة بسؤال النظم>> . أو مثل << يعد مصطلحُ العدول من المصطلحاتِ الجوهرية التي اعتمد عليها عبد القاهر الجرجاني في بناء مشروعِه البلاغي: بناه في الأسرار، ثم وظفه مع النظم في الدلائل بعد أن أغناه بصورة جديدة، وهي الكناية>> .

أما الثانية فتتعلق بتحديد مسمى المصطلح نفسه، بحيث يلاحظ عدم التفريق بين المصطلح عندما يكون لفظا مستقلا، والمصطلح عندما يُضم غيرُه إليه أو يُضم هو إلى غيره. فمن أسس الدراسة المصطلحية أن الضميمة سواء أكانت إضافية أم وصفية تمثل امتدادا داخليا للمفهوم، وإضافة ينبغي الانتباه إليها. يقول الباحثان: <<يكتسي مصطلحُ الغرابةِ الشعريةِ أهمية مركزية في المنجزِ البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني (ت471ه) يُقابله في الأهمية مُصطلحُ العدول. بل إنهما وجهان لعملة واحدة هي بلاغة الكلام. فالغرابة هي الأثر الذي يُحدثه العدول>> . حيث يستعمل الباحثان مرة مصطلح "الغرابة الشعرية" ومرة مصطلح "الغرابة" على أساس أنهما شيء واحد، والفرق المفهومي واضح بينهما ، لأن الأول ضميمة للثاني، فلا ندري هل نريد ضبط مفهوم مصطلح الغرابة في المتن الجرجاني لنمسك بدلالته المفهومية العامة، ونمسك بخيوط علاقاته التي قد تمتد إلى كل ما يدخل في جنس االكلام، أم نريد أن نضبط مفهوم الغرابة المقيدة بوصف "الشعرية" فنتتبع مسار المفهوم في نصوص وثيقة الصلة بالشعر لا غيره. وتمثيلا لهذا التأرجح بين اللفظين يقول الباحثان: << وعندما ننتقل إلى المنجز البلاغي لعبد القاهر الجرجاني، نجده يفصل رؤيته البلاغية لمفهوم الغرابة الشعرية مُتخذا من غرابة المعنى المقترن بالمعنى البعيد المُؤول ... في مقابل المعنى العامي والقريب المأخذ أساسا في التمييز بين ما يدخل في سؤال البلاغة وما لا يدخل... مؤكدا أن بلاغة الكلام تتحدد من خلال غرابته التي تستدعي إعمال العقل في التأويل>> ففي الأول حديث عن الغرابة الشعرية وفي الأخير حديث عن الغرابة مطلقا مقترنة ببلاغة الكلام بمفهومه العام. وقس هذا على ضميمة التخييل الشعري.

ومن جهة أخرى، مما ينبغي مراعاته منهجيا أثناء معالجة المصطلح في متن ما، أن نذكر المصطلح المستعمل في المتن المدروس بعينه، لا أن نصنع نحن مصطلحا فننسبه للمتن، ونبحث له عن تعريف وعلاقات داخله. لأن ذلك يسلمنا إلى نتائج تم رسم معالمها من قبل، وهذا يخالف مقصد الدراسة التي تستهدف الوصول إلى النتائج من خلال معطيات النص وما يجود به من إمكانات لغوية وسياقية. وللتمثيل نبقى مع ما اعتبر مصطلحا في المنجز البلاغي للجرجاني وهو "الغرابة الشعرية" فالقول السابق <<يكتسي مصطلحُ الغرابةِ الشعريةِ أهمية مركزية في المنجزِ البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني (ت471ه)>> يوحي بأن الجرجاني استعمل المصطلح هكذا وما هو بذلك.

أما الثالثة فتتعلق بضرورة التمييز بين المفهوم والمصطلح، فمما قاله الباحثان: <<يعد مصطلحُ العدول من المصطلحاتِ الجوهرية التي اعتمد عليها عبد القاهر الجرجاني في بناء مشروعِه البلاغي: بناه في الأسرار، ثم وظفه مع النظم في الدلائل بعد أن أغناه بصورة جديدة، وهي الكناية>> . وبالرجوع إلى الأسرار لا نجد ذكرا لكلمة العدول بهذا اللفظ بل نجده مذكورا من خلال مشتقاته، أما في الدلائل فإننا نجده مرة واحدة نكرة مجردا من التعريف، لذلك ما يذكره الباحثان بقولهما: "يعد مصطلح العدول من المصطلحات الجوهرية...بناه في الأسرار" لا يعدو حديثا عن المفهوم وليس المصطلح لأن المفهوم تصور ذهني يبنى بجمع شتات معانيه الجزئية داخل النص المدروس. أما المصطلح فهو اللفظ الذي نعبر به عن المفهوم داخل الحقل العلمي الذي نعالج فيه المصطلح. ولفظ العدول غير موجود بهذا اللفظ في الأسرار فكيف نعتبره مصطلحا. ووجد نكرة في الدلائل فكيف ندخل عليه التعريف (بأل) وهو غير مستعمل بها في المتن حيث يقول الباحثان بإطلاق: <<وقد وردَ عنده بصيغتين: المصدر "العدول"، والفعل "عَدلَ" وعُدِلَ>>، ولا يخفى ما بين التنكير والتعريف من فروق. والإطلاق هنا غير صحيح لأن المصدر لم يرد في الأسرار. وقد استعمل الباحثان مفهوم العدول فيما بعد، مما يزكي تأرجح الاستعمال بين المفهوم والمصطلح.

وختاما فإن هذه الملاحظات لا تعدو أرضية لنقاش وتحفيزا للسؤال، أما ورقة الباحثين فهي تكشف بجلاء عن رؤية واضحة وتقدير كبير لجهد عبد القاهر الجرجاني في التأسيس المصطلحي وإرساء دعائم علم البلاغة العربية، وقد وفقا في اعتماد المدخل المصطلحي سبيلا للكشف عن النسق الذي يضبط جانبا من المنظومة المفهومية للمنجز البلاغي الجرجاني، مستندين إلى منطلقات رصينة ومنهج متين، عله يكون منطلقا لدراسات وبحوث مماثلة في المتن الجرجاني أو متون بلاغية أخرى، في أفق قراءة ثانية واعية لتراثنا العربي وخاصة المفاهيم التي أطرت النظرية البلاغية العربية، وتستهدف إنتاج منجز عربي يقف على أرضية أصيلة ويتجاوب مع المفاهيم المستجدة.


أولا: أهداف تدريس التعبير وأركانه:

1- الأهداف:

يمكن إجمال أهداف تعليم التعبير بالنسبة للمستوى المتقدم في سياق تعليم العربية للناطقين بغيرها في الأمور الآتية:

- اختبار كفايات المتعلمين ومدى تمكنهم من المهارات الأساسية.

- تمكين المتعلمين من التعبير عن حاجاتهم ومشاعرهم وخبراتهم بطرق إبداعية.

- تنمية رصيدهم من المفردات والأساليب الفنية.

- القدرة على اختيار الكلمات المناسبة للمعنى حسب السياق.

- التعرف على إمكانات اللغة الإبداعية والأدبية.

- اكتساب مهارة الإيجاز مع وضوح المعنى.

- تنمية كفاية الربط المنطقي بين الأفكار وتسلسلها من خلال اللغة.

- تنمية القدرة على التعبير عن مواقف حياتية ومواجهتها بالأساليب اللغوية المناسبة.

- رفع منسوب الثقة في الذات ومساعدتهم على الاندماج والتواصل العفوي في المجتمع.

- ربط صلة المتعلمين بالكتاب العربي ومساعدتهم على التثقيف الذاتي.

- القدرة على اختيار الاستشهادات المناسبة وتوظيفها في الموضع المناسب.

- تمكين المتعلم من بلوغ مراده بواسطة اللغة العربية بيسر ووضوح.

- تحسيس المتعلمين بالبعد الثقافي في اللغة.


2- الأركان:

بما أن الكلام عملية إدراكية فإن التعبير باستعمال الكلام يستند إلى أركان أساس هي بمثابة دعامات ينبغي توفرها وتفعيلها في سياقات التعليم والتعلم لكي يحقق التدريس أهدافه بالجودة المطلوبة؛ ونجمل هذه الأركان فيما يأتي:

• الدافعية للتكلم:

من المعلوم ضرورة أن دوافع التعبير باللغة الأم في سياق الحياة الطبيعية كثيرة ومتعددة، غير أنها في السياق التعليمي والتعلمي بلغة أجنبية ينبغي أن تدخل ضمن سيرورة مندمجة غايتها تحقيق الأهداف المسطرة حسب كل مستوى تعليمي. ومن هذا المنطلق فإن تدريس التعبير بالنسبة للمتعلم في المستوى المتقدم ينبغي أن يراعي الأفق التواصلي الذي ينشده وتقتضيه الأهداف أعلاه من حيث توليد الدوافع واستثارتها وتنويعها. ومن أبرز هذه الدوافع:

الأسئلة: التي تتخلل فقرات التدريس في كافة المكونات والمجالات، سواء الصادرة من الأستاذ أو من الطلبة.

الحوار: الذي ينبغي أن يكون مفتوحا باستمرار بين المعلم والمتعلمين باللغة العربية الفصيحة، وقد يكون في سياق مفتوح أو سياق مغلق كالمناظرة.

المواقف: خاصة التي تبعث على الانفعال التلقائي، ويجب إعدادها إعدادا هادفا لبث الدافعية على التعبير.

المشاهد: في صور وأفلام ومناظر تعد خصيصا لاستدعاء التعليق من المعلمين باللغة العربية الفصيحة.

التلخيص: الذي يطلبه المدرس من المتعلمين بعد قراءة قصة أو مقالة أو نص أدبي وغير ذلك.

البواعث الشخصية: من فرح أو غضب، وألم أو أمل، يعتبر دافعا هاما صادرا من المتعلم، يدفعه دفعا للتعبير وإرضاء خاطره والتأثير في المتلقي، لذلك يتم اختيار الألفاظ والعبارات والأساليب التي تؤدي تلك الوظائف. وهذا يتطلب تدريبات متواصلة وتمكنا من صياغة الجمل بفعالية.

• مضمون الكلام:

ونعني به المعاني والأفكار والمشاعر التي يريد المتكلم التعبير عنها وإيصالها إلى المخاطب، فقد يكون مضمون الكلام عبارة عن أسئلة أو إجابات وردود؛ وتختلف المضامين حسب السياق والموقف، وحسب طبيعتها من الجدي إلى الهزلي، ومن العلمي إلى الفني، ومن الاجتماعي إلى اللغوي.. لذلك على المدرس تنويع الموضوعات وأنواع النصوص والأنشطة التعليمية التعلمية، من رحلات إلى زيارات إلى رياضة وتسوق.. ليكتسب المتعلم مهارة في اختيار المضامين المناسبة في التعبير، ويكونَ قادرا على إيضاح الأفكار والتدرج في عرضها. ويعمل المكون الثقافي وظيفة هامة في تزويد المتكلم بالمعلومات والحقائق وإغناء محتوى الكلام وتيسير التواصل مع الناطقين باللغة العربية، سواء أكان ذلك ثقافة دينية أو اجتماعية أو تراثية أو تاريخية أو جغرافية...

• الرصيد اللغوي:

وهو مجموع المفردات والتراكيب وكيفيات التعبير المناسبة للمواقف المتنوعة، وهذا الرصيد هو الذي يترجم دوافع المتكلم ومضامين الكلام إلى تعبيرات منطوقة أو مكتوبة؛ لذلك فإن هذا الرصيد لا يستعمل جملة وفجأة دون ضابط تنظيمي أو وعي في تنسيق الجمل والعبارات، بل يتطلب معرفة بالنظام اللغوي للعربية، تتمثل في فهم نظام الصوت العربي وبناء المفردات مع استيعاب للقوانين والقواعد الصرفية والنحوية، والأساليب البلاغية، مما يمكن المتعلم من إتقان صياغته للعبارات، وحسن اختياره للأنسب منها.

• الانفتاح على العالم الرقمي:

ونقصد به ولوج عالم الرقميات والمنجزات التكنولوجية الحديثة ضمن إطار ومنهجية منظمة، لما لها من أهمية في تيسير التعليم وتحسين جودته، وتعزيز فعاليته من خلال تقديم أدوات وتقنيات مبتكرة تساعد في تحقيق أهداف التعلم، وتعزيز التجربة التعليمية وتقريب المعلومة من المتعلم بأيسر الطرق، إضافة إلى توفير احتياجاته المتسارعة من المواد التعليمية الرقمية في الكتاب والمقالات المنشورة. ويتيح هذا العالم بيئة تعليمية تسهل التفاعل بين المتعلمين والتواصل فيما بينهم مما ينمي القدرة على التعبير وتنويع الأساليب خاصة في الفصول الدراسية الافتراضية ومنصات التواصل الإلكتروني والاجتماعات عبر الفيديو والمنتديات، إضافة إلى البرامج التعليمية والألعاب والمحاكاة بطرق شيقة وفعالة مما يعزز مهارة التعبير وتحسين مستوى المتعلمين.

وتجدر الإشارة إلى أن العالم الرقمي يساعد المتعلم على التعلم الجماعي والتعلم الذاتي والاعتماد على النفس في البحث والتنقيب وحرية الاختيار وعلى التقييم الذاتي، ويمكن المعلمين أنفسهم من استخدام برامج وأنظمة إدارة التعلم التي توفر أدوات لقياس أداء الطلاب وتحليل إنتاجهم من خلال اختبارات تفاعلية.

ثانيا: أقسام التعبير وطرق تدريسها:

1- التعبير الشفوي:

هو الأسلوب الطبيعي للتعامل مع الناس في الحياة وتحقيق الأغراض التواصلية، لذلك فهو الأكثر استعمالا، حيث يتم من خلال تبادل الكلام نطقا بين شخصين أو أكثر حول موضوع معين، والغرض منه هو تحقيق الفهم والإفهام. وتتعدد أشكال التعبير الشفوي، بحيث نجد منها المناقشات وإعطاء التعليمات والإرشادات والحكايات والإخبار والتعليق والوصف والإجابات عن الأسئلة وغيرها.

ويحظى التعبير الشفوي في مجال تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها بمكانة خاصة، وعني المهتمون به في برامج التعليم واتخذوه معيارا أساسا لتحقيق الكفاية اللغوية، لأن تعلم التعبير بطلاقة باللغة الهدف يعني أن المتعلم مؤهل للاندماج السلس في مجتمع تلك اللغة.

أهم طرق تدريس التعبير الشفوي وأساليبه:

1-1- الحديث باللغة العربية الفصيحة المبسطة في كل مراحل التدريس لتحفيز المتعلمين على التحدث بها والتفاعل أثناء التعلم والتواصل.

1-2- وضع برنامج للانغماس اللغوي، بوصف الانغماس أسلوبا تعليميا وتعلميا فاعلا ينمي مهارات المتعلمين اللغوية والتواصلية، ويعمل على تطوير كفاءاتهم واتجاهاتهم حيث يتعرض الطالب من خلاله -وفي وقت أطول- للمواقف الطبيعية مع الناس والبيئات التفاعلية والمحيط المحفز على التعبير التلقائي، بعيدا عن الفصل وجو التدريس المقيد؛ مما يمكنه من تنمية حصيلته اللغوية وتنمية الدقة أثناء استخدامه للكلمات والجمل، ويحفزه على التواصل معبرا عن أفكاره ومشاهداته ومواقفه الطارئة أثناء الانغماس اللغوي في البيئة الناطقة باللغة الثانية، مستمعا ومحاكيا ومكررا ومراجعا.

1-3- إتقان تدريس مهارة القراءة ومتابعة مدى تطور مستوى المتعلمين وإدراكهم للنظام الصوتي العربي وتوسيعهم للقاموس اللغوي، ونركز هنا على القراءة الجهرية للنصوص القرآنية والقصص والشعر والمقالات التي ينبغي الإكثار منها واستثمارها في تعلم طلاقة التعبير وتطوير مهارات النطق، بالممارسة والتكرار، ومن ثم ستكون سبيلا إلى طلاقة اللسان ودقة القراءة خاصة إذا صاحبها حفظ لبعض العبارات والأبيات الشعرية والأمثال وغيرها. <<وتعتمد القراءة الجهرية على ثلاثة عناصر أساسية هي: رؤية الرمز المكتوب بالعين، ونشاط الذهن في إدراك معنى الرمز، والتلفظ بصوت مسموع يعبر عن دلالة الرمز أو الحرف>> .

وتعين القراءة الجهرية على تمثل المعاني ومعرفة علاقاتها تبعا لتوزيع الجمل في النص ونظام الفقرات وقدرة القارئ على رؤية أكبر عدد من الجمل والعبارات، وهكذا بالدربة والمران يصبح المتعلم مؤهلا للتعبير الشفوي، ويستطيع استدعاء المفردات والجمل في أي سياق طارئ.

1-4- مساعدة الطلاب على إزالة موانع الحديث: كالخجل والخوف والحواجز النفسية الممكنة، ويتم ذلك من خلال تواصل إيجابي مع المتعلمين وتثمين إجاباتهم والثناء عليهم، وعدم نقد تفاعلهم مع الدرس، ويستحسن في التعبير الشفوي عدم التوقف كل حين لتصويب الأخطاء وتصحيحها، لأن ذلك يقتل حافز المتعلم على التحدث ويفضل السكوت والسكون بدل التعبير.

ومن أساليب التشجيع على التحدث توجيه الأسئلة للمتعلمين وطلب الإجابة على أن تكون أسئلة واضحة ودقيقة ومحفزة على الحديث، على أن يقبل الأستاذ الإجابة مهما كانت لأن الهدف هو أن يتفاعل المتعلم بالحديث ويدفع عنه الخجل والخوف من الخطأ.

1-5- تخصيص وقت لممارسة الكلام بين المتعلمين: بعد ما مروا بمراحل من الاستماع والقراءة، حيث ينبغي تخصيص أوقات مدروسة بعناية في جميع الحصص للتعبير عبر مراجعة محاور الدرس أو الحديث عن قضية من قضاياه، أو مناقشة مشكل أو التخطيط لنشاط معين. ويستحسن أن يفتعل المدرس مواقف اتصالية والتعبير عن الأفكار والمشاعر بشكل حر لكنه موجه إلى تحقيق هدف معين.

1-6- تفعيل الدردشات عبر الأنترنت: من بين الوسائل الفاعلة والمهمة في تدريس التعبير الشفوي، خاصة الدردشات الصوتية عبر وسائط التواصل الاجتماعي، من خلال التواصل مع مجموعة معينة من المتعلمين، على أن تكون هذه الدردشة هادفة وقاصدة تمكن المعلم من تتبع عثراهم والتعرف على مدى طلاقتهم وقدراتهم على التواصل المباشر مع أصدقائهم.

1-7- إحداث بيئة للاستماع لقراءة النصوص الأدبية والفنية القصيرة، فكثرة السماع تنشط الذهن وتنمي الحافز على البحث والقراءة، خاصة وأن اللغة أساسها النطق وباب النطق للعقل الأذن، لذلك فالسماع أولى في تعليم اللغة وتعلمها، ومن هذا المنطلق فإن إحداث بيئة للاستماع يخدم تنشيط القراءة الجهرية، وينشط ذهن المتلقي للمتابعة وربط اللاحق بالسابق.

1-8- ربط دروس العربية في المستويات السابقة بموضوعات الحياة مما يتيح للمتعلم التفاعل أكثر؛ أي أن التمثيل لقواعد النحو ودراسة المفردات ينبغي أن ينبع من الواقع المعيش للمتعلمين، وفي المستوى المتقدم يتم اختيار النصوص في المراحل الأولى من القضايا المعيشة التي يحتاجون إلى مناقشتها آنيا باللغة العربية، وبالتدرج ينفتحون على نصوص قديمة في سياق التعرف على الثقافة العربية القديمة.

1-9- مشاهدة عروض تمثيلية باللغة العربية الفصيحة، تناقش موضوعات متنوعة اجتماعية وسياسية، جدية وهزلية، ثم إعادة تمثيل بعض مقاطعها من قبل المتعلمين، محاكاة للممثلين بتكرار عباراتهم اللغوية مصحوبة بالتنغيمات الصوتية التي تقتضيها أساليب الحديث من أمر ونهي، واستفهام وأمر والتماس وتهديد وتوبيخ وغير ذلك؛ وإعادة التمثيل تجعل المتعلمين يعيشون هذه المشاهد لغة وإحساسا، يتطابق فيهما اللفظ والمعنى وغرض التواصل.

1-10- التلخيص الشفهي والتعليق على هذه المشاهد التمثيلية، أو إقامة مناظرات بين طالبين أو أكثر أو بين مجموعات بعد المشاهدة، لمناقشة مفهوم وارد في العرض أو قيمة أو سلوك أو شخصية معينة، ويمكن أيضا قطع العرض في المنتصف أو قبل النهاية وطلب توقع الأحداث والنهايات من الطلبة وهكذا ستتسم الحصة بالتشويق والمتعة والحافزية على التعبير، خاصة إذا طلب من المتعلمين إدراج شخصيات وأمكنة وأحداث جديدة للقصة. ويدخل في هذا الأمر تلخيص القصص شفويا على أن تكون قصصا مشوقة تناسب مستوى الدارسين وأذواقهم وبعيدة عن التعقيد.

1-11- التعبير بالتغيير، ونقصد به تحويل العبارات المسموعة في العرض أو المكتوبة في نص مقروء إلى عبارات أخرى، حيث تتحول جمل الأمر إلى نهي والعكس، وتحول جمل الاستفهام إلى تعجب، وجمل الاستثناء إلى جمل مطلقة بدون استثناء، وجمل الإثبات إلى نفي، والتشبيه إلى استعارة، والجمل الخبرية إلى إنشائية وهكذا سيتم تفعيل التنشيط الذهني للمتعلم، ويوقفه على تنوعات مختلفة للعبارات تتنوع بها المعاني المعبر عنها.

1-12- توظيف التعبير بالإشارة إلى جانب التعبير الشفوي، وهذه الطريقة تسهم في بيان المعنى وتفهيم المتلقي، من خلال توظيف اليد أو الرأس أو العين أو الأكتاف حسب ما تقتضيه الثقافة العربية.

1-13- إقامة مسابقات في التعبير الشفوي مع تحديد موضوع التعبير وزمنه وعدد الجمل المستعملة، ولا يخفى ما في هذه الطريقة من التشويق والمتعة والتنافس الشريف وطرد الملل والخجل.

1-14- عرض فيلم وثائقي قصير حول قرية أو شخصية أو منظر طبيعي أو قضية من قضايا الحياة، ويتم كتم الصوت وترك المجال للمتعلم ليمثل دور المعلق. والآخرون يلاحظون ويستمعون ويسجلون ثم يقومون بتقويم إنجاز زميل(ت)هم.

1-15- انتقاء نكت ونوادر هزلية قصيرة وهادفة، يعرضها المعلم بطريقة مشوقة، ثم يعيدها المتعلمون. واحدا واحدا وقوفا أمام الجمهور من زملائه.

1-16- تحويل برامج الهاتف والحاسوب والتلفاز إلى اللغة العربية، وفتح فسحة للنقاش حول مضامين هذه الأجهزة ومحتوياتها باللغة العربية.

1-17- تحديد بعض البرامج الإعلامية وفترات الأخبار التي تتم باللغة العربية الفصيحة قصد التعرف على نمط آخر من الخطاب في نقل الأخبار والتعليق على الأحداث.

1-18- تزويد المتعلمين برصيد من المصطلحات العلمية والفنية بالتدرج تساعده على التعبير أثناء النقاشات والحوارات في مجال العلم والمعرفة، ويعتمد في هذا الأمر على نصوص علمية وبرامج وثائقية علمية.

2- التعبير الكتابي:

يعد التعبير الكتابي مهارة إنتاجية وملكة تواصلية تتطلب تدريبا وفنا في استعمال اللغة، ويختلف عن التعبير الشفوي بكونه يتمثل في التعبير بالخط عن الأفكار والمشاعر وقضاء الأغراض المختلفة، لذلك فهو يتطلب تأنيا في الكتابة وتفكيرا منظما تنتظم بموجبه عناصر الكلام ومكوناته إضافة إلى الدقة والوضوح وحسن العرض والترتيب.

وهو ناتج مسار من التعلم في المراحل السابقة، إن أُحسِنت أُحسنَ، وإن كان العكس وجد المتعلم مشكلا في التعبير عن أفكاره ومشاعره بواسطة الكتابة. لذلك فإن تعلم التعبير في المستويات الأولى ينبغي أن يمهد الطريق لتعلمه بكيفية تناسب مستوى المتعلم المتقدم، وأن تكون مراحله متدرجة متتابعة، لذلك فإن جميع المهارات السابقة من استماع وقراءة ومحادثة وجميع مكونات تعليم العربية من أصوات وإملاء ونحو وبلاغة أساس في تأهيل المتعلم للتعبير الكتابي.

ويتجلى التعبير الكتابي في أشكال متنوعة تتنوع بموجبها أساليب استعمال اللغة وتوظيفها، حيث نجد منها: كتابة الأخبار والوصف والتلخيص وكتابة القصة والرواية والشعر وكتابة التقارير والرسائل بأنواعها ومختلف الموضوعات وكلمات المناسبات وغير ذلك.

أنواع التعبير الكتابي بحسب الغرض:

2-1- التعبير الوظيفي:

يتمثل هذا النوع في استعمال اللغة كتابة من أجل قضاء أغراض حياتية مختلفة، قد تكون مهنية أو اجتماعية، و<<يقصد به ذلك النوع من التعبير الذي يهدف إلى تحقيق وظائف اجتماعية للإنسان، هي الاتصال بغيره، لتنظيم حياته، وقضاء حاجاته>> . وهو أكثر تحديدا واختصارا في الغالب، ويتطلب لغة تقريرية مباشرة، وتسلسلا في الأفكار، ويتم التركيز فيه على الموضوع. ومن أمثلته: الرسالة الوظيفية – الدعوة – التقرير – محضر الاجتماع – التلخيص – المقالة غير الأدبية...الرسالة الإلكترونية.

يتوقف تعليم التعبير الوظيفي على مسارين: مسار تعليم التعبير اللغوي المناسب للكتابة المهنية أو التجارية أو المؤسساتية أو الاجتماعية حسب طبيعة المجال الذي توظف فيه أشكال التعبير الوظيفي وقد يدخل هذا في تعليم اللغة لأغراض خاصة. والمسار الثاني يتعلق بتقنيات الكتابة التي تختلف من شكل إلى آخر، ذلك أن ما يستعمل في الدعوة لا يستعمل في التقرير، وما يتطلبه المقال الصحفي من تقنيات يخالف ما تتطلبه رسالة طلب أو التماس أو إنذار، وهكذا كل شكل يتطلب تقنيات في الكتابة حتى يؤدي وظيفته الاجتماعية أو المهنية المنتظرة.

2-2- التعبير الإبداعي:

هو استعمال اللغة بطريقة فنية أدبية، لنقل الأفكار والأحاسيس، بأسلوب متميز يكشف عن موهبة فنية في الكتابة ورؤية خاصة للوجود تؤثر في المتلقي وتثير انفعالاته. ومن أمثلته: الشعر بأنواعه، والروايات والقصة والمقالات الأدبية والخطابة والمسرحية وغيرها.

وغير خاف أن هذا النوع من الكتابة يتطلب كفاية إبداعية وفنية تتمثل في الذوق الفني والملكة اللغوية الإبداعية ووعيا بخصوصية الأجناس الأدبية، لأن كل جنس له أساليبه وبناؤه الفني ووظائف أدبية تخصه، ما يعني أن امتلاك هذه الكفاية يقتضي استراتيجيات خاصة وطرقا في التدريس والتعليم والتعلم.

2-3- الطرق العامة لتدريس التعبير الكتابي:

تجدر الإشارة هنا إلى أن ثمة طرقا تم ذكرها في تدريس التعبير الشفوي بمكننا استثمارها أيضا في تدريس التعبير الكتابي بصورة مندمجة، وهناك طرقا أخرى نعرض لها في الآتي:

2-3-1- استثمار المواقف الدراسية المختلفة والثرة، المليئة بالمعلومات، حيث يمكن أن يستقي منها الدارس عناصر التعبير الشفهي بغرض التدريب على عناصر التعبير التحريري.

2-3-2 تعليم التعبير الكتابي في جو من الحرية، وعدم التكلف في اللغة، وتزويد الدارسين بمعايير تستخدم عند الكتابة، مما يحقق تقدما في كتاباتهم.

2-3-3- إتقان التخطيط العام لمناهج تدريس التعبير الكتابي، وحسن التخطيط للموضوع وتقسيمه إلى مقدمة، وعرض، وخاتمة، مع سلامة التفكير في المقدمة والعرض والخاتمة الموجزة التي تلخص الموضوع، تتضمن النتائج والمقترحات.

2-3-4- التعبير في مواقف طبيعية، بحيث تؤدي اللغة وظائفها، فهذه المواقف ينتجها المعلم للدارسين.

2-3-5- استخدام علامات الترقيم، ومراعاة وضعها.

2-3-6- أن تكون الأفكار مناسبة للموضوع " .

2-4- طريقة كتابة فقرة:

نعتمد في هذه المرحلة على تعليم كيفية كتابة الفقرة، وعيا منا بأن المتعلم قد استوفى الشروط الأساس للتعبير بالكلمة وبالجملة، وأن متطلباته الثقافية والاجتماعية والمهنية والفكرية تقتضي الارتقاء به إلى التعبير بالفقرة عن موضوعات مختلفة إما تفسيرية أو حجاجية أو إخبارية أو ذات طبيعة سردية وغيرها من أنماط الفقرات والنصوص. لذلك نرى أن العناصر المسهمة في تشكيل الفقرة تختلف حسب نمطها وطبيعتها.

2-4-1- الفقرة التفسيرية:

وهي الفقرة التي يقوم فيها الكاتب بتفسير موضوع ما أو مفهوم أو وجهة نظر بالشرح والتحليل والمقارنة، ويبنى تدريسها على الخطوات الآتية:

أولا: تحديد موضوع الفقرة المراد التعبير عنه. ويفضل أن يكون من اختيار المتعلمين وفقا لخبراتهم وتجاربهم. مثل موضوع: السعادة.

ثانيا: تحديد الجملة الرئيسة للفقرة: بحيث يوجه المعلم الدارسين إلى أنه يشترط أن تشتمل على مكونين اثنين: الأول: الموضوع، والثاني: الفكرة الأساس حول الموضوع، وهي التي ستهيمن على باقي الأفكار، وتعتبر موجهة لما بعدها. مثل: (يظن بعض الناس أن السعادة في جمع المال فقط).

ثالثا: تحديد الجمل المساندة، التي تقوم بدور الشرح والتوضيح وتطوير فكرة الموضوع أو التعقيب على بعض الآراء والأفكار وتقديم أمثلة واقعية أو تاريخية وغير ذلك من التفاصيل. مثل:

- يحس الإنسان بالسعادة عندما يكون بصحة جيدة.

- السعادة إحساس في القلب بالسرور والبهجة.

- لا تتحقق السعادة بالمال فقط.

- مساعدة الناس تشعر بالسعادة.

- هناك من يملك أموالا كثيرة لكنه يموت منتحرا.

- السعيد دائم الابتسامة.

- السعادة الحقيقية في الفوز بالجنة.

- صاحب القلب الأسود لا يعرف السعادة.

- من أسباب السعادة مساعدة الآخرين والوقوف إلى جانبهم.

رابعا: الربط بين هذه الجمل لتكوين فقرة متكاملة ويستحسن أن يعتمد المدرس على المجموعات وإعطائهم فرصة لتركيب الفقرة واختيار أدوات الربط والعبارات المناسبة، بحيث يتحقق التماسك والترتيب المنطقي وتجنب التكرار.

خامسا: وضع مقدمة مناسبة للفقرة تتضمن الجملة الرئيسة. ثم اختيار الجملة الختامية المناسبة. وتقديم الفقرة في صورة متكاملة مع مراعاة علامات التنقيط.

سادسا: التقييم: ويتم من خلال تبادل الفقرات بين المجموعات ومراجعتها والوقوف على الأخطاء إذا وجدت، ثم إظهارها للأستاذ قصد تصويبها. وتنتهي العملية بانتخاب الفقرة المتميزة قصد نقلها وحفظها في الكراسات.

2-4-2- الفقرة القصصية:

وهي التي يعتمد فيها الكاتب على سرد الأحداث من خلال التفاعل بين شخصيات في أزمنة وأمكنة معينة. ونجمل خطواتها في الآتي:

أولا: قراءة قصة قصيرة نموذجية، ثم مناقشة شفوية لعناصر تكوينها: من أحداث وشخصيات وأزمنة وأمكنة، ثم استخراج بنائها العام من مقدمة ووسط ونهاية.

ثانيا: تحديد موضوع ستدور حوله أحداث قصة مفترضة.

ثالثا: تحديد الشخصية الرئيسة: التي عليها مدار الأحداث في تلك القصة.

رابعا: تحديد الحدث المركزي وقد ينطلق من تجربة حياتية واقعية. (في صياغات مكتوبة)

خامسا: تحديد الأحداث الثانوية: التي سبقت أو تلت الحدث المركزي. (في صياغات مكتوبة)

سادسا: تحديد زمن الأحداث هل وقعت في الماضي أم في الحاضر أم ستقع في المستقبل.

سابعا: بناء القصة بناء فنيا بالتعاون بين الدارسين، بمراعاة مقدمة القصة وتسلسل الأحداث

ثامنا: اقتراح نهاية للقصة تكون مفتوحة أو مغلقة.

تاسعا: التقييم والتقويم.

2-4-3- الفقرة الوصفية:

وهي الفقرة التي يعنى فيها الكاتب بوصف شخصية أو شيء ما أو منظر أو لوحة، ويتم ذلك في سياق التعبير الكتابي كالآتي:

أولا: تحديد الموصوف: الشخص – المكان – الشيء

ثانيا: تحديد هدف الوصف والموقف من الموصوف.

ثالثا: تحديد العناصر المراد وصفها.

رابعا: كتابة عبارات واصفة ثم ترتيبها.

خامسا: تركيب الفقرة الوصفية.

3- دعامات تدريس التعبير:

نقصد بالدعامات أمورا تدعم المسار التعليمي للمعلم والمسار التعلمي للدارسين، وتنمي قدراتهم على القيام بالمهام والأعمال، كما تسهم هذه الدعامات في نجاح عملية التدريس وتوفر أجواء من الثقة والتفاعل الإيجابي بين الجميع، ونقصد بها: التعلم التعاوني والتقييم وأدبيات التواصل.

الدعامة الأولى: التعلم التعاوني:

ندعو فيها إلى استعمال استراتيجية التعلم التعاوني الذي يعتمد على المتعلم نفسه، من خلال انتمائه إلى مجموعة تشترك معه في مهمة معينة قصد تحقيق هدف ما، وهذا ما يشعر المتعلم بالقوة والثقة في النفس والإيجابية في المشاركة، لأنه يحس بالمسؤولية مع نظرائه في المهمة المنوطة بهم، وبأن نجاحه نجاح لهم والعكس صحيح.

إن التعلم التعاوني ميدان رحب لتنمية المهارات الاجتماعية والتواصلية مثل: فهم الذات، فهم الآخر، التواصل اللغوي، التعاون، الإيثار، تبادل الاحترام، التخطيط والتنظيم؛ ويقلل من الخوف والقلق والتوتر المصاحب لعملية الكتابة، ويقضي على انطواء بعض الطلاب كما يدعم الشعور بالثقة، ويعزز النجاح، ويفيد في تنمية القيم الأخلاقية والميول نحو الكتابة والقراءة. لذلك كان التعلم التعاوني استراتيجية ناجعة لتجويد التعليم والتعلم وتطوير خبرات المعلمين والطلبة في الوقت نفسه.

ويشترط لنجاح هذه الاستراتيجية ما يأتي:

• العمل بالمجموعات لتحقيق الشعور بالانتماء وأهداف التعليم التعاوني، مثل تحقيق الانسجام واكتساب المهارات التعاونية والتفاعل والتنافس الهادف والشريف.

• تجانس المتعلمين: حيث ييسر التجانس بينهم سير التدريس والتفاعل بينهم وتحقيق نتائج أوفر. ويختلف الباحثون في مسألة التجانس من حيث تخصصات المتعلمين ما داموا في المستوى المتقدم وقد يكونون كبيري السن لهم تخصصات متنوعة، فمنهم من يقول بجمع المنتمين إلى تخصص واحد في مجموعة واحدة، ومنهم من يرى تكوين المجموعة من متعلمين ينتمون إلى تخصصات مختلفة بحكم أن الاختلاف إثراء وغنى. ومنهم من يترك للمتعلمين حرية تكوين المجموعات، أو تكوينها حسب التقارب في السن والمستوى.

• تصميم المهمات والأنشطة بعناية على نحو يكون معه العمل الجماعي فعالا وذا فائدة، وتعلم الدارسين كيفية تدبير الزمن واحترام المهام.

• المتابعة: وتتم من قبل المدرس لأنشطة المتعلمين وممارساتهم أثناء القيام بالمهام، وذلك قصد ترشيد هذه الممارسة وتوجيه العمل نحو تحقيق الأهداف وربح الوقت.

• مشاركة الجميع في القيام بالمهام وتحفيز كل متعلم على أن يكون قوة اقتراحية داعمة للمجموعة ومساعدة على اتخاذ القرار المناسب.

• أن يؤدي التعلم التعاوني إلى مخرجات واضحة تتمثل في تنمية مهارات الأفراد وإعدادهم إلى القيام بالمهام التعبيرية في استقلال عن الآخرين.

• توزيع الأدوار على المتعلمين حسب المهام المناسبة للنشاط: مثلا: مسير المجموعة، ومقرر لكتابة ما يجري في النشاط، وناطق باسم المجموعة. ولا يخفى ما في هذا الأمر من فوائد جمة تتمثل في مهارات التسيير والتقرير والتعبير الشفوي وغيرها.

الدعامة الثانية: التقييم والتقويم:

تتعلق هذه الدعامة بضرورة مصاحبة التقييم والتقويم لمختلف عمليات التعليم والتعلم والمهام التي يتكلف بها الدارسون حيث يُعدَّان رافعة هامة في تعليم اللغة العربية وتعلمها، وهما في تدريس التعبير أكثر جدوى وأهم بوابة للتعرف على مستويات المتعلمين ومدى قدرتهم التعبيرية بحسب المواقف والأغراض والسياقات. وإذا كان التقييم يساعد على تقدير الأعمال وتثمينها ومعرفة مكامن الضعف والخطأ لمعالجتها فإن التقويم يسهم في ترشيد التعلم وتصحيح مساره من خلال معرفة المتعلمين لإمكاناتهم والوقوف عند واقعهم الحقيقي في التعبير نطقا وكتابة، وفي مدى إتقانهم؛ ويمكن أن يمتد التقييم والتقويم إلى الجوانب الآتية:

 سلامة الكتابة بالعربية ومدى احترام مهارات الهجاء وعلامات الترقيم والخط.

 صحة الأسلوب ومدى موافقته للقواعد الصرفية والنحوية.

 سلامة المعاني ومدى وضوحها وتسلسلها.

 تكامل الموضوع ومدى استيفائه للمعلومات الضرورية.

 منطقية العرض ومدى مراعاتها لنظام الكتابة والإنشاء.

 استعمال الكلمات حسب السياقات المختلفة.

 التجديد في الأساليب حسب الأغراض.

ويتم التقويم إما:

 عن طريق الأستاذ بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، كتصحيح الأخطاء بينه وبين المتعلم أو أثناء حصة الدرس دون عرقلة سيره.

 أو بواسطة الطالب نفسه عند سماعه للتصويب من الأستاذ وتسهم هذه الطريقة في إشراك المتعلم في عملية التقويم وتجعله دائم الحضور والتنبه.

 أو عن طريق التصحيح التشاركي عبر النظير أو عبر مجموعات، وعند استعصاء التصحيح يرجع الجميع إلى الأستاذ، وهذا يرسخ صحة التعابير في أذهان الطلبة.

 أو عن طريق تسجيل الأستاذ للملاحظات والأخطاء، ثم يعود إليها أثناء الدروس حسب طبيعة الخطأ ومجاله، بحيث يتم استرجاع الطلبة لأخطائهم والتنبه إليها.

ويشترط في التقييم (التشخيصي والتكويني والختامي)، أن يكون مستمرا موازيا للنشاطات التعليمية شاملا لكافة المعارف المهارات والكفايات والاتجاهات والسلوكات لدى المتعلم، وسواء ما تعلق باللغة أو التعبير أو التواصل والتفاعل أو الاستعمال الفني للغة شفويا وكتابيا؛ وما تعلق بالمكتسبات الذهنية وبالعمليات التجريبية والتطبيقية. وينبغي أن يكون التقييم مرتبطا بالأهداف المسطرة العامة والإجرائية.

الدعامة الثالثة: أدبيات الاتصال اللغوي:

مما لا شك فيه أن الاتصال بين المتكلم والمخاطب لا يتوقف على مجرد النطق بالكلمات أو تبادل العبارات ليحصل التواصل، إنما تتطلب هذه العملية التواصلية فنا في التخاطب له أدبيات وذوقيات تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى؛ لذلك فإن التواصل لكي يؤدي أغراضه في جو من الثقة والاحترام ويسمح بإقامة حوار بناء والتفاعل بين الأطراف المتواصلة لابد من مراعاة مجموع تلك الأدبيات والسلوكات اللغوية وغير اللغوية اللازمة.

فمن هذه الأدبيات ما يتعلق بهيئة المتكلم ولباسه، لأن الحس الجمالي في الهيئة وحسن التحكم في ملامح الوجه يبعث الآخرين على الاحترام وتقبل الخطاب والاستعداد للسماع والتفاعل. مع الإقبال على الآخرين بالوجه والنظر إليهم للدلالة على الانتباه والحرص على التواصل.

ومنها ما يتعلق بصوت المتكلم أثناء كلامه، حيث يؤثر وضوح الصوت والنطق بالحروف أو عدمه في التجاوب مع المتكلم وفهم رسالته وبلوغ غرضه منها، كما يعتبر النبر الصوتي حاسما في الأثر الذي يتركه الكلام في المتلقي من خلال رفع الصوت أو خفضه وتلوينه وتنغيمه وإبطاءه وإسراعه، وتفخيمه وترقيقه، ومن خلال الضغط على بعض الحروف والكلمات. علما بأن النبر والتنغيم له علاقة وطيدة بالحالة النفسية للمتكلم وبالتلوينات الأسلوبية التي يتشكل منها التعبير شفويا كان أو كتابيا.

ومنها ما يتعلق بالكلام نفسه من حيث أهدافه ومحتواه، وما يجب أن يتوفر فيه من فصاحة ووضوح، ودلالة على المعنى بدقة، بدون إطناب ممل، ولا إيجاز مخل؛ وما يتطلبه من تنوع في الأساليب وحسن اختيار للعبارات والكلمات، وكذا مناسبته لسياق التواصل ومقام التخاطب ومستوى المخاطب، فلكل مقام مقال، لذلك ينبغي تحسيس المتعلمين بضرورة مراعاة مواقف الخطاب وسياقات التفاعل مع الغير لأنها تؤثر في طبيعة الكلام وفي المتلقي. وتجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن ثمة أدبيات في التواصل في السياق العربي لها أهميتها وأثرها البالغ وتتعلق ببعض المفاتيح الكلامية والأعراف الثقافية التي تبعث النفس على التلقي الإيجابي والتواصل البناء في جو من الاحترام والتقدير ومنها:

• التحيات أثناء اللقاء أو عند الوداع والمجاملات التي تحفل بها الثقافة العربية.

• استخدام الألقاب والمخاطبات المناسبة. ( الرسمية وغير الرسمية)

• الاحترام والتواضع في المحادثات وعدم المقاطعة للآخر.

• فهم الفروق الثقافية بين المتكلمين والاختلاف في التواصل بين الثقافات.

• مراعاة القيم والتقاليد العربية الأساس.

• تعلم كيفية تجنب سوء الفهم الثقافي.

• ممارسة الانفتاح والمرونة في التفاعلات الثقافية.

• تعلم كيفية "قراءة" المواقف الاجتماعية في السياق العربي.

ومحصلة البحث إن << الكلام صفة المتكلم، فبمقدار ما يكون الكلام محتويا على شروطه الموضوعية والأخلاقية، فإنك بالغٌ هـدفك منه، ومحققٌ نجاحا لائقا يكسب شخصيتك تأثيرا جميلا في الآخرين.

فالكلام أوسع طرائق الاتصال الأربع التي ينبغي للمرء أن يتقنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن أتقنها غدت مهارةً يمتاز بها، وفنا رفيعا يمهّد سبل النجاح لصاحبه، ويُعينه على إنجاز علاقاتٍ وثيقة وفاعلة مع الآخرين، فالكلام نظام لغوي مكتسب، وبمقدار مهارة الشخص في استخدام الكلام في الموقف اللغوي تكون فاعلية الاتصال... [و] لما كان الاتصـال الكـلامي أكثر أشكال الاتصال شيوعا فإن الحاجة إلى الثروة اللغـوية، بما فيها من أساليب بيانية ومفردات ملائمة ومصطلحات متفق عليها، وعبارات تتناسب وطبيعة الشخص المقابل، تغـدو أمرا ضروريا ورئيسيا في اكتساب مهارة الاتصال الكلامي، فضلا عن سائر أدبيات الكلام>> .

خاتمة:

تزداد في المستوى المتقدم متطلبات المتعلم الفكرية والثقافية واللغوية من أجل ممارسة الحوار والتعبير باللغة العربية، على أساس أن التعبير انتقال بالمتعلم من حفظ الكلمات والقواعد إلى استعمال اللغة وممارستها في أوساط مختلفة وأداء مهام متنوعة تبعا للمواقف الطارئة والحاجيات اليومية المتسارعة، ولذلك فإن تدريس التعبير لهذا المستوى يقتضي أشكالا من الإعداد تسهم في تأهيل المتعلم إلى التحدث بطلاقة والكتابة بسلاسة وهذه الأشكال هي:

- الإعداد النفسي

- الإعداد اللغوي

- الإعداد الثقافي

- الإعداد التربوي

ما يجعل من عملية التعليم عملية معقدة وتحد كبير يستدعي من المهتمين أفقا عاليا من الوعي بخصوصية هذا المستوى وطبيعة المهارات التي تصبو إلى تحقيقها، المر الذي يتطلب منهاجا خاصا برؤية عميقة وشمولية تمتد إلى ما هو نفسي وثقافي ولغوي ومنهجي.

مراجع:

- حماد، خليل عبد الفتاح، ونصار، خليل محمود، فن التعبير الوظيفي، مطبعة ومكتبة منصور، غزة، الطبعة الأولى، 1423هـ-2002م، ص 20.

- عيسى، راشد علي، مهارات الاتصال، سلسلة كتاب الآمة، العدد 103، رمضان 1425 هـ. ص: 112.

- الكحلوت، والكحلوت، مدى تحقيق مشروع تحدي القراءة لأهدافه لدى طلبة وكالة الغوث الدولية في فلسطين- دراسة تقييمية- مجلة الدراسات والبحوث التربوية، المجلد1، العدد2، 2021، ص 120.

- ينظر: شعيب، أبو بكر عبد الله، المهارات اللغوية مفهومها – أهدافها – طرق تدريسها – تقويمها، مكتبة المتنبي، الدمام، ط1، ص136-137.

- هدى علي جواد الشمري، سعدون محمود الساموك، مناهج اللغة العربية وطرق تدريسها ، ط 1 ، 2005 دار وائل للنشر والتوزيع .


شارك المحتوى

د. الحبيب مغراوي
أستاذ في النقد والبلاغة خبير دولي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها


الدكتور الحبيب مغراوي هو أكاديمي مغربي متخصص في البلاغة والنقد وتحليل الخطاب. يعمل أستاذًا في جامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال، شعبة اللغة العربية وآدابها، عضو مختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية.

أحدث الإضافات


تدريس التعبير للناطقين بغير العربية - المستوى المتقدم
الملكة اللغوية: طبيعتها ووسائل اكتسابها
تعقيب على ورقة الأستاذين عبد الرحيم وهابي وعبد القادر بقشى: اشتغال المصطلح في نسق المشروع البلاغي عند عبد القاهر الجرجان